إنًّ الجسم البشري.. قد أثقل علينا التَّعب وأزاح عن روحنا خِفة
الحركة.. فمهما بلغت قوة العضلات وتحرَّرت أطرافه ..
لايزال يرزحْ تحت ثقل القلق أو المرض أو الكسل أو الإعاقة.
ومن منّا لايحْلم يوما ما .. بأن يحلِّق كالنسْر فوق الأرض
المنبسطة. ويسير مسافاتٍ عظيمة ليعدو كعَدْوِ الخيْل الشّهباء
أو يعْبثْ كالفراش بين بتَلاتٍ وأزهار تكادُ أبصارنا المحدودة
لمْ تخطرعبالها ولمْ تراها يوماً قطْ.
أو أنْ يختبئ في قوقعة حزنه وعزْلته اللامنتهية الصَّلاحية
كحلزون شفافٍ لالون له ولا هوية .
هذا الجسد المحدود.. مما له من ملامح .. ومما عليه من أوزارٍ
ثقيلة .
تراه يُّسَّر وتشْفى أسْقامهُ بعناقِ من المُحبينْ.
ويتألم بالفراق .. من رفاقِ أودعوه بين الخلايا والعظام
وهمسوا بأذنهِ يوماً معنى للحقيقة .
هذا الجسد الصّادق يَعْلم معنى الآلام المخفيّة..
فداخل أحشائه وبِضَنا طيَّاته يداعب الآلام كأمٍ تلاعبُ طفْلها.
هذا الجسم البشري البسيط والمعقد بآن واحد..
نرزح أنا وأنت تحت تغيراته القسْريَّة..
فلا أذُنٌ لنا ولاحَجَّة إن أحبنا يوما أو أبْغضَنا.. لأننا لانمْلك معه .... أيَّ حرية.
ومع كل هذا القصورْ..قد شمَلَ كلَّ الأسرارْ..وكل ماأودع الله فيه منْ قوى..
ففيه العقْلَ يميزُّ الحياةَ ويعملْ على تحليل التفاصيل الدقيقة..
هذا العقل لايفنى ولاينعدمْ ويبقى علامةً لصاحب الجسد لمئاتِ من القرون .. بلْ أبد الدّهر باقياً . بصمته لا تتشابه مع بصمة عقل ٍأخرى ..بل تكاد أن تكون مستحيلة كبصمات اليدينْ..
بركة هذا الجسد الممنوع من العَدْوِ أو الطَّيران أو الغوصِ كما تفعل سائر الكائناتْ ... في عقْله فقط ..
هذا الجُرُمَ الحيوي العاطفي الكيميائي والسعيد والحزين بكل
الأوقات .. في داخله سُبلاً وطرائقَ لامنتهية ولامحدودة ..
لحلْ المشْكلاتْ .. وافتعال المشْكلاتْ...
أصلحَ الخالقُ هذا العقلْ ... الذي يحيا ببركةِ هذا الجسَدْ.
moi
No comments:
Post a Comment